Article paru dans alseyassah le 13/1/2008


الثقافية
اللبنانية العائدة من الاغتراب أصدرت "الصمت مخيما" بالفرنسية
رولا عازار تطلق صرخة- رواية ضد وحشية الحرب وتعنيف النساء





بيروت / ليندا عثمان:/ تهدي الروائية اللبنانية الاصل الكندية الجنسية رولا غازار دوغلاس روايتها الجديدة بالفرنسية "عندما كان الصمت مخيماً" Chez Nous C etait Le Silence إلى الأهل والأبناء والزوج والأحبة, وإلى كل من أصابته الحرب بشظية من شظايا الوجع والألم والخوف والسفر والهروب من العنف, إلى النساء اللواتي تضررن من العنف المنزلي والجسدي, وإلى كل من عاش في لبنان واختبأ في أروقة الزوايا والملاجئ وهرب إلى الأحراج والضياع المنسية.رولا عادت أخيراً من الغربة لتستقر في لبنان وتعمل في الصحافة الاجتماعية والتحقيقات الميدانية. اختارت الواقع اللبناني السائد وتحديداً العنف الذي يحط رحاله والحزن والتعاسة والمرارة ليكون أساس توجهها الروائي, متسائلة: هل ستتكرر الدراما الإنسانية التي عاشها لبنان في الحرب الأهلية. وفي العام 1986, نظرت إلى الجرحى على كرسي الآلام والقتلى بحسرة ووجع رافضة أن تتكرر هذه المأساة مذكرة بأن العنف لا ينفع السلام والعالم إذا لم يحتضن البشر لا يستطيع البقاء.أحداث الرواية تدور في لبنان خلال العام 1986, البطلة »غادة« سيدة منزل ووالدة في ربيع العمر تعيش مأساة مزدوجة: وحشية الحرب من جهة وعنف زوجها من جهة أخرى. غادة تعاني الأمرين, فهي أسيرة المجتمع وأسيرة وعد قطعته على أبيها, إلى أين?في الرواية نرى الكاتبة تصر على تغيير الأشياء (الغلط) في المجتمع, وقد اقتربت كتاباتها من الشعر لكنها لم تمارسه, حاولته مراراً لكن الكتابات الإنسانية داخل السرد الروائي الواقعي أخذتها إلى عالمها. من الصحافة جاءت لتقول أنها تحاول إضاءة شمعة, فلونت الوقائع والحالات خصوصاً الحالات الفطرية والمجردة, والتي تتسم بنقاء الأشياء وصميمها كما تقول والتي لا لبس فيها. الحالات التي تتسم برصد الحس الأول والذبذبات التي يحدثها, هذا الأمر غالباً ما أوقعها في الذاتية, لكنها ذاتية مقصودة, في جزء كبير منها "أنا أؤمن بأني كلما اقتربت من الخاص أقترب من الإنساني, وكلما ارتدت إلى داخلي أراني وقد انفتحت على الآخر, الإنسان, ما زلت أحاور ذاتي وآخذها بعيداً بعيداً في محاولة للكشف عن هواجسها, أحلامها, مخاوفها, آلامها وأفراحها, في محاورة أعتبرها مشروعة, ويجب أن لا تتقيد بمرحلة معينة من مراحل التطور التي تمر بها التجربة الروائية وليس لها علاقة بنضج الكاتب من عدمه.
»السياسة« سألت رولا عازار
بداية:كيف أخذتك الرواية إلى أحضانها?
/ الرواية أخذتني, امتلكتني لفترة طويلة, كنت أفكر في الكتابة ليلاً نهاراً, خصوصاً أن موضوع المرأة (المعنفة) يحرك في مشاعر عميقة, كأي حالة ظلم واستبداد. إن هذا الموضوع يستفزني, ويدعوني للتحرك.. والاستجابة والمحاولة لإحداث تغييرات ما في هذا الواقع الاجتماعي المريض.
ما حيثيات رواياتك أو "عندما كان الصمت مخيماً"?
/ الصمت, هو صمت المجتمع تجاه النساء (المعنفات) وهو صمت النساء خوفاً من المجتمع, "صمت", هذا العنوان يجيء متناقضاً مع ضجيج القذائف وأنين الجرحى, وبكاء الثكالى, كلها تختلج بها صفحات الرواية.
هل هذه الرواية بمثابة السيرة الذاتية?/
الانا موجودة, في سطورها وجذورها على قدر كبير. مشاهد الحرب مثلاً, ما هي إلا وقائع حفرت في ذاكرتي, وأنا طفلة لم أتجاوز السنوات العشر.. أما الرواية بحد ذاتها فهي مستوحاة من واقع امرأة عرفتها عن قرب, خبرتها عن قرب وقد عانت هي من العنف المنزلي, لكن في المطلق ليست القصة قصتها بتاتاً.
ما تأثير الرواية في واقع الإنسان السياسي والاجتماعي والثقافي?
/ عندما ترتكز الرواية على معانٍ مأخوذة أو مستوحاة من واقع الإنسان يسهل على القارئ إيجاد الروابط بين عالمه وبين عالم الرواية مما يزيد من تأثيرها في عالم القارئ ومجتمعه. وكم أتمنى أن يكون لروايتي الوقع الإيجابي في مجتمعنا, كوني أريد أن أطرح مشكلة العنف المنزلي وأدعو إلى التفكير في هذا الواقع وعدم إغراقه وتغييبه في الصمت المميت, أردت من خلال روايتي طرح مشكلة العنف المنزلي من منظور روائي أدبي
.لماذا كتبت بالفرنسية مع انك تجيدين العربية?/
لطالما أحببت اللغة العربية, إنما بعد إقامتي في كندا, أصبحت أعبر عن أفكاري الكتابية بسهولة بالفرنسية, ولا أرى مشكلة أو اختلافات بين اللغات فكلها تواكب بعضها وتشجع على الإبداع.
ما الفرق بين الرواية العربية والأخرى الفرنسية بنظرك?/
لن أتكلم عن الرواية الفرنسية بالمطلق, إنما أريد التحدث في هذا الشأن عن روايتي أنا. بنظري لا فرق بين روايتي التي كتبتها بالفرنسية, ورواية قد أكتبها بالعربية, إذ أن شخصيات الرواية لبنانيون عاشوا في لبنان, عايشوا التقاليد والعادات والحياة اللبنانية, والمصطلحات التي اعتمدها داخل الرواية ليست غربية, هي من طيباتنا وطحيننا وخبزنا ومعجننا.. واقعية وحميمة, من هنا لا أجد فرقاً في اللغتين لأن المضمون ينبع من ذاتنا.
هل تحاولين تقليد احد في كتاباتك?
/ كلا.. روايتي الأولى نابعة من قلبي لقد تقصدت اعتماد الأسلوب السهل والكلمات المأخوذة من واقع الحياة اليومية, كي تصل رسالتي التي تدين العنف المنزلي واضحة وجلية إلى القارئ.
إلى أية رواية تطمحين?
/ لا أطمح إلى نوع محدد أو أسلوب محدد, كل ما أتمناه أن تبقى قدرتي على الكتابة حية نضرة, وأن أبقى مصابة بشغف الكتابة الذي إن شفي الكاتب منه يفقد إبداعه وينتهي. إنه بالنسبة لي شغف كشف العلاقات والمستور وقول ما لا يقال. ما نفع الكتابة إن كانت تصفيقاً للسائد وإعادة إنتاج له? الإبداع هو كتابة دائمة "عكس السير" أريد أن أكتب دون حسابات ضيقة يقع الكاتب في مطباتها أحياناً, فيبقى لذلك صوته منخفضاً كي لا يزعج أرباب السلطة بكل أنواعها بما فيها السلطة الثقافية التي أحياناً تتماهى مع السلطة السياسية وخاصة في مجتمعاتنا العربية, أريد أن أكتب نفسي وما أؤمن به, وأن تكون كتاباتي مرآة لمجتمعي قبل أن تكون شيئاً آخراً.
هل تؤمنين بالتجريب في كتابة الرواية?/ أكتب بلغة أعيشها وأتنفسها وأحس بها, وأعبر من خلالها عن فكري وأحاسيسي ومشاعري, أكتب بلغة جلدي, فأنا ابنة هذا العصر وفاعلة به, ومتأثرة في آن, ولابد بالتالي لكتابتي أن تكون مرآة لتجربتي إذا كنت صادقة مع تجربتي ولا أدعي تجربة لم أعشها, إن في اللغة أو في الأسلوب, ستأتي كتابتي بالطبع ترجمة لواقعي وواقع أبناء جيلي, بهذا المعنى ستكون كتابتي "حديثة" وليست تجريبية, فالرواية بالنسبة لي كائن حي, وهي دائماً في زمانها ومكانها, وهي تحاكي الحاضر حتى لو استعمل الكاتب زمناً روائياً ماضياً, هناك حيلة في الكتابة يستحضر معها الكاتب الماضي ليقول الحاضر, ويعكس ما يفكر به في زمنه ومجتمعه الحاليين, من حق كل كاتب أن يجرب وأن يهدم كي يبني شيئاً آخر.. لكن الإبداع لا يعترف بمقاييس التجريب.. هناك سيرورة حياة لا تستقيم إلا بدورة متكاملة لا نهاية لها.
ما تأثير الفرانكوفونية في حوار الثقافات?/
اللغة المشتركة هي وسيلة تواصل, والتواصل هو أول خطوة باتجاه التفاهم والتقارب, لا مجال في اللغات والتواصل من استبداد أو طغيان أو سيطرة هناك حوارات, تبادل ثقافات اختلاط.. بالنسبة لي ما من حدود مقفلة, أرى الفرانكوفونية كمد وجزر, أخذ وعطاء, بين الشعوب.

Aucun commentaire: